بقلم | عمر حلمي الغول
مضى على اغتيال إسرائيل فؤاد شكر الرجل الثاني في حزب الله تقريبا شهر، الذي تم في 30 تموز / يوليو الماضي في الضاحية اللبنانية/ بيروت. وأعلن حسن نصر الله، أمين عام الحزب انه سيرد بشكل فردي أو مع فصائل محور المقاومة وجمهورية إيران. وكانت كل من القيادة الإيرانية والحزب أعلنت باكراً، أن إطالة أمد الرد جزء من الرد في التأثير على الروح المعنوية الإسرائيلية، ولمضاعفة الخسائر الاقتصادية، ولتعميق التناقض بين الحكومة والمجتمع الإسرائيلي ونخبه. كما أن قيادة الحزب ربطت التأخير بالمفاوضات الجارية في الدوحة والقاهرة لوقف الإبادة الجماعية والافراج عن الأسرى.
ومع ذلك، اعترف قادة الحزب أمس الاحد 25 آب/ أغسطس الحالي، أنهم تأخروا نسبيا في الرد، الذي تم أمس، حيث أطلق مقاتلوه 320 صاروخا في المرحلة الأولى، تسهيلا لعبور المسيرات الهجومية باتجاه هدفها على أطراف تل ابيب، مؤكدا انه استهدف 11 موقعا وثكنة عسكرية للجيش الإسرائيلي، وجميعها أصابت أهدافها المقررة. في حين أن المصادر العسكرية الإسرائيلية أعلنت أن حزب الله "كان يخطط لإطلاق مئات الصواريخ، ونجح في إطلاق 210 صاروخا، بالإضافة الى 20 طائرة بدون طيار، معظمها كانت في شمال البلاد، وعدد قليل منها وصل الوسط،" أي العاصمة تل ابيب، واعترفت تلك المصادر، " أن هجومه (الحزب) لم يحبط بالكامل، بل بشكل جزئي".
وادعت القيادة العسكرية الإسرائيلية، انه كان لديها معلومات سابقة عن هجوم الحزب، وان 100 طائرة حربية إسرائيلية قامت في عملية استباقية فجر أمس الاحد بتدمير الاف الصواريخ في مرابضها، وهي في منصات الاطلاق، بهدف تقليص وإزالة تهديدات الهجوم. بيد أن حزب الله نفى ادعاءات إسرائيل بإحباط عمليته العسكرية. لا سيما وأنها تتنافى مع وقائع الميدان. ولم ينفِ الحزب باستهداف منصات صواريخه في نحو 40 بلدة وضيعة لبنانية في الجنوب وصولا لإقليم التفاح. لكن العملية الاستباقية الإسرائيلية لم تلغِ شن هجومه على المواقع والاهداف المراد قصفها.
ومن بين الأهداف الرئيسية التي قصفها حزب الله، مقر الموساد، والوحدة 8200 الاستخباراتية وغيرها من الأهداف الاستراتيجية الاسرائيلية، وعلى إثر ذلك، قرر رئيس الوزراء نتنياهو مع القيادة العسكرية عقد جلسة خاصة لمناقشة تداعيات رد الحزب، جرى تأجيلها أمس أكثر من مرة، حيث كان يفترض عقدها صباحا، ثم أوجلت للثانية ظهرا، واخير في السابعة مساء أمس الاحد. وأعلنت سلطات الاحتلال حالة التأهب القصوى في جميع المناطق. وأعلن وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت عن "وضع خاص" على الجبهة الداخلية لمدة 48 ساعة.
وجاء في بيان القيادة العسكرية الإسرائيلية "إعلان حالة الطوارئ سيمكن الجيش الإسرائيلي من وضع مبادئ توجيهية خاصة للسكان، والحد من التجمعات وإغلاق المواقع." ووفقا للمواقع الإعلامية الإسرائيلية تم إغلاق مطار اللد أمام هبوط وإقلاع الطائرات. وقالت القناة 12 الإسرائيلية، ان الطائرات التي كانت في طريقها لإسرائيل تم تحويلها لتهبط في مطارات أخرى بالمنطقة.
وبعيداً عن التباينات في مواقف قيادات حزب الله وإسرائيل، فإن النتائج تؤكد على الآتي: أولا قام حزب الله بالوفاء بالتزامه بالرد على اغتيال فؤاد شكر (الحاج محسن)؛ ثانيا نجح في ضرب أهداف استراتيجية في عمق إسرائيل وخاصة العاصمة تل ابيب ردا على قصف الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت؛ ثالثا وجود اختراق أمني داخل الحزب، بدليل معرفة القيادة الاستخباراتية الإسرائيلية بموعد وزمان رد حزب الله، الذي استمر ساعتين من الخامسة الى السابعة صباحا، مما دفع القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلي باستباق العملية، وتم قصف الاف المنصات الصاروخية للحزب، وفق بيان الجيش؛ رابعا كان التنسيق الأمني الإسرائيلي الأميركي كاملا في متابعة الرد والرد المضاد. ورغم ادعاء القيادات الأميركية، أنها لم تتدخل في عمليات قصف المواقع العسكرية للحزب، الا أن ادعائها كاذبا. لأنها شاركت في العمليات الاستخبارية وتوجيهها مباشرة للقيادات الإسرائيلية، ومازالت على أهبة الاستعداد للتدخل في كل لحظة في حال خرج الرد اللبناني عن قواعد الاشتباك المسموح بها. وكانت صحيفة "إسرائيل هيوم" ذكرت أمس، إذا كان هذا هو رد حزب الله، فإن الجيش الإسرائيلي لن يوسع دائرة الحرب.
وعليه أخلص الى استنتاج، ان الحزب سيغلق دائرة توسيع الحرب، وسيكتفي بما جرى، حيث ذر الرماد في العيون اللبنانية عموما وانصاره خصوصا، بانه نفذ وعده، وكونه لا يريد توسيه نطاق الحرب. كما أن مرجعيته في إيران لا تريد ذلك. وبالتالي سيعود لدائرة قواعد الاشتباك المعهودة والمقبولة من الطرفين على مدار الشهور 11 الماضية من الحرب، وحتى لو تجاوز في بعض الردود نسبيا القواعد العملياتية السابقة.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com