شبكة يافا الإخبارية | ما إن يُفكّر الفلسطيني في غزة، بسحب بعضٍ من راتبه "المقتطع" حتى تبدأ رحلة عذاب ومعاناة. ليس من خيار إلّا الوقوف لساعات طويلة، وحين يأتيك الدور، غالبًا سيكون الصرّاف الآلي قد تعطّل، وإنّ لم يحدث فإن مضايقات " البلطجية التابعين لحماس " وابتزازهم المواطنين، تكاد لا تنتهي، وإنّ تجاوزت هذا كلّه فإنّ "السيولة" غير متوفّرة، وإن وُجدت فبعملة غير التي تُريد، وبأسعار صرف غير مناسبة.
يقول مواطنون إنّهم يمكثون لنحو 6 ساعات، وعلى مدار عدّة أيام متتالية في طابور طويل أمام الصرّاف الآلي لبنك فلسطين في فرعي دير البلح أو النصيرات، ويتحمّلون ما يحدث من محاولات سرقة ومضايقات ومشاكل تصل في بعض الأحيان إلى إطلاق النار، أو الوقوع فريسة للمُبتزين "البلطجية التابعين لحماس" وهم مجموعة شبّان مسلحين بأسلحة بيضاء و نارية تابعين لحماس ، يسيطرون على طابور البنك، بالقوة، ويُسهّلون سحب أموال المواطن مقابل 200 شيقل، أمام أعين كاميرات المراقبة الخاصة بالبنك.
وإن كان المواطنُ سعيد الحظّ ورفض التعامل مع "البلطجية"، واستمر بالوقوف في طابور صراف البنك الطويل إلى أن يصله الدور، فانه سيُصدم بأن البنك لا يحتوي على عملة الشيقل الإسرائيلي أو الدولار الأمريكي، ويُجبر على سحب راتبه بعملة الدينار الأردني، وهذا ما يجعله يخسر مبلغًا في عملية التحويل، استنادًا لسعر الصرف الذي يعتمده البنك.
ويقتصر الدخول إلى مبنى البنك على شريحة معيّنة من المواطنين، وبناء على تنسيق مسبق مع إدارة البنك، ويرتكز الأمر على العلاقات والواسطة، وهو ما يستعصي على المواطن البسيط.
كافة البنوك لا تعمل في مدينة غزة والشمال، وبنك فلسطين هو الوحيد الذي يعمل في فروع النصيرات ودير البلح ورفح
وفي معرض ردّها على ذلك، تقول سلطة النقد إنّ "إجراءات الدخول لفرع البنك تتم وفق ترتيبات بين البنك وعملائه، وتتم هذه الترتيبات ضمن أضيق الحدود، وتهدف إمّا لقبول إيداعات أو لتنفيذ سحوبات للصرّافين، ورغم ذلك قد تحدث تجاوزات هنا وهناك، لأنّ الظرف القاهر قد يعزز ارتكاب مخالفة فردية، ولكن لا يمكننا التعليق على أي حادثة لا نعرف تفاصيلها الكاملة، وظروفها الموضوعية".
بلطجية حماس أمام الصراف الآلي
وتقول المعلمة نهى الدهشان من أمام بنك فلسطين فرع دير البلح : أنا نازحة في النصيرات، وصرّاف البنك هناك مٌعطل منذ ما يقارب الشهر بسبب انقطاع الانترنت عن المنطقة، لذلك أنا هنا في دير البلح أقف في الطابور منذ 5 ساعات، وغالبًا لن يأتيني الدور بسبب الطابور الطويل، علمًا أن هذا اليوم هو الثالث الذي أقضيه أمام البنك.
وتضيف نهى الدهشان أنّ هؤلاء السماسرة "البلطجية" يأخذون الأدوار الأولى، وكل شخص منهم يحمل عشرات بطاقات الصرف التي جمعها من المواطنين مقابل 200 شيقل من الشخص الواحد، ويستمر في سحب الأموال لساعات طويلة ولا يأتي الدور لأي منّا. وتشير إلى أنّ هؤلاء "البلطجية" يحملون "المشارط الحادة والسكاكين والأمواس والعصي الخشبية واحيانا أسلحة نارية و يلقون على النساء الرمال"، وتتساءل: "أين كاميرات البنك والأمن والحراسات عن هؤلاء؟".
وتقول مواطنة أخرى : حتى إن وصل دورنا، لا يوجد في البنك إلا دينار، نخسر في كل 100 دينار 70 شيقلًا، هذا غير السماسرة الذين يسيطرون على صرّاف البنك، لقد أصبحت أعرفهم وأحفظ وجوههم بسبب تكرار وقوفي أمام البنك، فهل يعقل أن لا يعرفهم البنك.
وبحسب ردّ سلطة النقد فيما يخصّ "بلطجية الصرافات" فإن مهمّة أمن البنك تقتصر على الحيّز الداخلي للفرع، وليس الحيز العام خارج المبنى بما في ذلك محيط الصراف الآلي.
وقالت إنها تعلم بحدوث مثل هذه التصرفات، وهي تأسف لحصول مثل هذه الإشكاليّات، واقترحت -لحلّها- التوجه إلى الجهات المسؤولة حول هذه الظاهرة.
الراتب مقابل عمولة خياليّة
ما يحدث في البنوك، دفع آلاف المواطنين للتوجّه إلى مسار آخر لسحب أموالهم ورواتبهم أو المساعدات النقدية التي تصلهم عبر محلات الصرافة وبعض محال الاتصالات والسوبر ماركت الكبيرة، مقابل عمولة قد حددها البنك مسبقاً وهي 2 في المئة. غير أنّ الكثير من غير الملتزمين، يصرفون المبالغ مقابل عمولة تتراوح ما بين 4 إلى 6 في المئة، وباتت مؤخرًا تصل إلى 12 في المئة.