شبكة يافا الاخبارية | واقع مرير بين جوع وعطش وغياب خدمات صحية تحت وطأة القصف والدمار، هذا ما يعانيه أهالي شمال قطاع غزة منذ بدء العملية العسكرية الأخيرة مساء الخامس من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي، في ظل حملة إبادة جديدة وحصار خانق، تنفذهما قوات الاحتلال شمال القطاع.
وتفرض قوات الاحتلال حصارا شديدا على تلك المنطقة، يتركز في بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم جباليا، في محاولة لإفراغها من السكان، تمنع بموجبه دخول المساعدات الإغاثية وشاحنات المياه الصالحة للشرب للسكان.
ومع دخول العملية العسكرية يومها التاسع، يناشد الأهالي جميع المؤسسات الدولية للتحرك من أجل إنقاذ حياتهم قبل فوات الأوان، وردع إسرائيل عن ارتكاب جرائم جديدة.
والأربعاء، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" أن جيش الاحتلال يحاصر على الأقل 400 ألف فلسطيني شمال القطاع.
وهذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها جيش الاحتلال في مخيم جباليا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
الواقع الميداني: تفجير وتدمير للمباني
ميدانيا، لا يزال جيش الاحتلال يتواجد في مناطق غرب وشرق مخيم جباليا ويحاصر كل مناطق الشمال بالنار ويمنع الخروج أو الدخول إليها.
وشهدت الليلة الماضية، تفجير الجيش لمبان وعمارات سكنية، في محيط منطقة الفالوجا غربي مخيم جباليا، بحسب شهود عيان تحدثوا لوكالة "الأناضول".
وقال الشاب غازي المجدلاوي في حديث "للأناضول": بعد تواصلي مع عدد من أقاربه الذين لا يزالون محاصرين في منطقة الفالوجا وبئر النعجة غرب مخيم جباليا قالوا إن آليات الاحتلال تتمركز في الشوارع الرئيسية وقرب مفترق أبو شرخ وعلى مدخل حي الصفطاوي وفي قلب حي بئر النعجة.
وفجر الجيش عدد من الروبوتات الإلكترونية في عدة مربعات سكنية غربية مخيم جباليا، وفي قلبه ما أدى لتدمير عشرات منازل المواطنين، وفق الشاب.
وأضاف المجدلاوي أن جثت المواطنين لا تزال متواجدة في بعض الشوارع وتحت الأنقاض بسبب عدم تمكن طواقم الإسعاف والدفاع المدني من التحرك لانتشالهم لخطورة الأوضاع والاستهدافات.
وأوضح أن المتواجدين بالمنطقة أفادوا بأن قوات الاحتلال تجري بين ساعة وأخرى مناورات تتقدم فيها الآليات وتتراجع وتزيد من الكثافة النارية.
اعتقال للرجال ومصير مجهول للنساء
في شرق مخيم جباليا، ما زال الخمسيني رائد الخطيب داخل منزله في "ِشارع السكة"، ويتحدث للأناضول عن خطورة الأوضاع الميدانية.
واقتحم الجيش خلال الأيام الماضية منازل، واعتقل الرجال وترك النساء في مصير مجهول وأمرهن بالتوجه لجنوب القطاع، وفق حديث الخطيب.
وتابع الخطيب أن قصف الاحتلال والاستهدافات في كل مكان ولا تهدأ حتى لدقيقة واحدة، وأن عشرات العائلات المحاصرة لا تزال داخل منازلها في شارع السكة ومناطق مخيم جباليا رغم فظاعة القصف والتفجيرات.
نقص الغذاء والمياه
خلال العملية العسكرية للاحتلال، توقفت جميع محطات تحلية المياه في محافظة شمال قطاع غزة عن العمل، وكان آخر تطور هو إعلان شركة "إيتا" لتحلية المياه، في بيان السبت الخروج عن الخدمة.
وإيتا هي أكبر رافد للمياه الصالحة للشرب في شمال القطاع وجاء خروجها عن الخدمة بسبب أوامر الإخلاء الجديدة التي وزعها جيش الاحتلال.
مراسل الأناضول يتحدث لعائلة أيمن الكحلوت المحاصرة في بلدة بيت لاهيا، وقد نفذت المياه لديها منذ يومين.
يقول الأب أيمن إنهم كانوا يحصلون على المياه من خلال بئر زراعي كان يتم تشغيله كل يومين مرة، قريب من منزلهم، لكن منذ بدء العملية العسكرية لم يتم تشغيله ولا مرة بسبب الخوف من الاستهدافات.
ويذكر أن قوات الاحتلال تتعمد استهداف أي شخص يتحرك لجلب المياه أو تشغيل الآبار في المنطقة، ولذلك معظم العائلات تعاني اليوم من قلة مياه الشرب المياه ومن عندهم كمية فلن يكفيهم ليوم أو يومين.
وينبّه إلى أن الغذاء أيضا مهدد بالنفاذ لديه ولدى جميع المحاصرين في شمال القطاع.
ويشير الحكلوت إلى أن الأهالي يعتمدون حاليا على بعض المعلبات والبقوليات فقط ولا يوجد أي أنواع طعام أخرى تسد رمق الناس.
ويدعو المسن الغزي لضغط دولي فوري من كل الجهات للسماح بإنقاذ الناس وإدخال الطعام والماء والعلاج لهم، لأنهم إذا لم يموتوا بالقصف فسيموتون بنقص المستلزمات الأساسية.
واقع صحي مرير
يعيش القطاع الصحي في شمال قطاع غزة منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية حالة صعبة للغاية.
وتعمد جيش الاحتلال إطلاق النار صوب طواقم الإسعاف والطواقم الطبية، سيما في مستشفى "كمال عدوان" الواقع في بلدة بيت لاهيا.
وهدّد جيش الاحتلال، المستشفيات الثلاثة العاملة في شمال قطاع غزة (كمال عدوان والعودة والإندونيسي)، منذ أيام بالإخلاء الفوري للمرضى والطواقم الطبية، وإلا سيكون مصيرهم التدمير، بحسب ما قال مدير مستشفى كمال عدوان حسام أبو صفية.
وأضاف أبو صفية للأناضول أنه "رغم تهديدات الاحتلال لا تزال المستشفيات الثلاثة تعمل حاليا لإنقاذ أرواح المواطنين الصامدين في شمال قطاع غزة".
وتابع أن المستشفى الإندونيسي يعمل حاليا وفيه 28 حالة مرضية و17 من الطواقم الطبية ولا يستطيع استقبال حالات جديدة بسبب عدم وجود أطباء بشكل كافي للتعامل معها".
وذكر أبو صفية أن "العودة" يعمل بكامل طاقته ومستشفى كمال عدوان كذلك، سيما مع نجاح المنظمات الدولية بالضغط على الاحتلال وإدخال شاحنة وقود واحدة له يوم أمس السبت".
لكن حسام أبو صفية، قال السبت إن الكميات المحدودة من الوقود التي دخلت في اليوم ذاته، للمستشفيات الثلاثة الرئيسية في المحافظة الشمالية لا تكفي سوى لأيام.
ومنذ بدء عمليته العسكرية الحالية على شمال القطاع، حاول جيش الاحتلال إطباق الحصار على منطقة جباليا ومنع الأهالي من النزوح إلى مدينة غزة المجاورة، وأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع "صلاح الدين" الممتد على طول شرقي القطاع من شماله إلى جنوبه.
وفي 7 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وبالتزامن مع مرور عام على اندلاع حرب الإبادة بغزة، بدأ جيش الاحتلال تهجير سكان بلدات بيت حانون وجباليا وبيت لاهيا إلى جنوبه، ما عدّته وسائل إعلام تطبيق غير معلن لـ"خطة الجنرالات".
و"خطة الجنرالات" كشف عنها موقع "واي نت" العبري، في 4 أيلول/ سبتمبر الماضي، وتهدف إلى "تحويل كامل المنطقة الواقعة شمال ممر نتساريم (وسط القطاع)، أي محافظتي غزة والشمال، لمنطقة عسكرية مغلقة".
الخطة أعدها عسكريون إسرائيليون سابقون، وتقضي بـ"إجلاء السكان خلال أسابيع قليلة، وفرض حصار على المنطقة.