بيروت - قاسيةٌ هي الرسالة الإسرائيلية التي تلقاها "حزب الله" من حادثة إغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة "حماس" صالح العاروري، أمس الثلاثاء، في الضاحية الجنوبيّة. المسألةُ ليست سهلة، وما جرى يُعتبر استهدافاً للحزب و "حماس" معاً، وفي منطقة من المفترض أن تكون تحت حماية أمنية.
خرقٌ أمني كبير
حادثة اغتيال العاروري تعتبر "نقلة نوعية" على صعيد مسلسل الاغتيالات التي ينفذه العدو الإسرائيليّ. فعلياً، هي المرّة الأولى التي يتم فيها تنفيذ عملية استهدافٍ بواسطة طائرة مُسيرة داخل الضاحية الجنوبية. في العام 2006، قصفت إسرائيل الضاحية وذلك في إطار حربٍ مفتوحة، لكن ما حصل بالأمس كان خطيراً جداً ويعني أن بإمكان إسرائيل تنفيذ أي عملية اغتيال متى ما شاءت ومن دون أي إجراءات ميدانية أو وسائل تقليدية.
كل ذلك يمكن أن يشكل خرقاً أمنياً كبيراً، وما جرى يفتح باب التساؤلات أمام قدرة "حزب الله" على ضبط أمن الضاحية في الجو أولاً وحماية قادته ثانياً ومسؤولي "حماس" ثالثاً.
ما يمكن الوقوف عنده هو أنه خلال الآونة الأخيرة، بادرت إسرائيل إلى تسيير طيران إستطلاعي فوق الضاحية وتحديداً بعد أحداث جنوب لبنان يوم 8 تشرين الأول الماضي عقب بدء عملية "طوفان الأقصى" في غزة خلال اليوم السابع من الشهر المذكور. السكان هناك اعتادوا هذا الأمر، لكنه لم يكن متوقعاً حصول اغتيال بواسطة تلك الطائرات. ما يتبين هنا أن إسرائيل استغلّت "تعوّد الناس" على وجود طيران إستطلاعي فنفذت ما أرادت تنفيذه بـ"تعاون من الجواسيس"، بحسب ما قال شهود عيان في مكان الإنفجار لـ"لبنان24".
ماذا عن نصرالله؟
بكل واقعية، فإنّ الخرق الذي حصل والكشف عن مكان العاروري يمكن أن يشكل تهديداً أيضاً لمكان أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله. هنا، الأمر خطيرٌ جداً، فالعاروري كان يلتقي نصرالله دائماً كما أنه كانت لديه خطوط إتصالٍ مباشرة معه. وعليه، فإن عملية الإستهداف قد تدفع "حزب الله" لتغيير كل مخططاته الأمنية المرتبطة بحماية نصرالله، فالمراجعة ستكونُ ضرورية لكل التحركات وأماكن الإجتماعات.
إزاء كل ذلك، فإنّ المعركة الأمنية هي التي تفرض نفسها الآن سواء على صعيد "حزب الله" أو "حماس". بكل واقعية، فإن ما يظهرُ بشكلٍ جليّ هو أن إسرائيل عززت أجهزتها الإستخباراتية لإختيار تصفية أعدائها بشكلٍ مباشر، فالقصفُ الذي حصل يعتبر مفتاحاً لمسلسل اغتيالات بدأت من غزة ولن تنتهي في بيروت.
حربٌ داخل الحزب والحركة
وانتقالاً إلى "حماس"، فإنّ ما تعيشه الحركة الآن من مخاوف أمنية بات يفرض عليها تغيير كل خططها المرتبطة بأمن قادتها في لبنان، وهذا ما قد يفعله "حزب الله". حتماً، الحرب الأمنية بدأت داخل الحزب والحركة، وإن كان العاروري اليوم هو الأول، فيمكن أن تكون أطراف أخرى هي المستهدفة في وقتٍ لاحق.
في خلاصة القول، فإن المواجهة ستكونُ ضد الجواسيس والعملاء، وكشفُ مكان العاروري بهذه السهولة يعني أن "دود الخل منو وفيه"، أي ان الخرق كبيرٌ داخل "حماس" بالدرجة الأولى، والأمر هذا يستحق إعادة قراءة الواقع الأمني بشكلٍ دقيق ومستفيض.
نقلا عن موقع لبنان24