أوغندا- طالب وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، بتحرك دولي فاعل وفوري لوقف العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، ومواجهة تصاعد التحديات العالمية والمعاناة المأساوية للشعب الفلسطيني.
وشدد المالكي، في كلمة دولة فلسطين في قمة الجنوب الثالثة المنعقدة في العاصمة الأوغندية، كمبالا، على أنه حان الوقت للمجتمع الدولي أن يتحد بشكل فوري، جماعيًا وفرديًا، على جميع المستويات، لوضع حد لإفلات إسرائيل من العقاب ولحماية الشعب الفلسطيني، ومساعدته على تحقيق العدالة ونيل حقوقه غير القابلة للتصرف.
ونقل المالكي، في كلمته، المعاناة الفلسطينية المستمرة وطموحات الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة، وأكد على ضرورة مواجهة التحديات العالمية التي تعصف بالعالم، حيث تتراجع خطط عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة بشكل يثير القلق.
وأشار الى الوضع الكارثي الراهن للشعب الفلسطيني، الذي يواجه حرب إبادة غير مسبوقة على يد الاحتلال الإسرائيلي في جميع أنحاء فلسطين المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.
وشدد على أن مستوى الدمار والأزمة الإنسانية في المنطقة يتجاوز أي توقعات، مع استمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، في محاصرة واستهداف جميع السكان المدنيين في غزة وممارسة أبشع أشكال العقوبات الجماعية، وبالتزامن مع فظائع الاحتلال في القطاع، وتصاعد أعمال العنف في بقية أنحاء فلسطين المحتلة، حيث يواصل الاحتلال بشكل ممنهج تنفيذ مخططاته الرامية لإنهاء الوجود الفلسطيني على أرضه وإلغاء قضيته العادلة، وكل ذلك في انتهاك صارخ للمعايير القانونية والأخلاقية الدولية الأساسية.
وأضاف المالكي، أنه منذ أكثر من 100 يوم، يشهد العالم عدوانا غير مسبوق في العصر الحديث، حيث تستمر وحشية الاحتلال الإسرائيلي واستخفافه بحياة الفلسطيني، فبلغت حصيلة الضحايا من قتل وتشويه ما يقارب 100 ألف فلسطيني في قطاع غزة، بما في ذلك الأطفال والنساء وموظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الطبي والصحفيين، بالإضافة إلى التهجير القسري لمليوني فلسطيني، مما يشكل 85٪ من سكان قطاع غزة، مع تضرر نحو 70٪ من المساكن.
وشدد المالكي على تفاقم الأزمة إلى درجة تفوق التوقعات، حيث يعيش المدنيون في ظروف معيشية مزرية، ويحرمون من الاحتياجات الأساسية للبقاء الإنساني، مؤكدا أن الاحتلال يحاول فرض نكبة ثانية، وهذا ما يهدد به المسؤولون الإسرائيليون مرارا وتكرارا، ويصل تحريضهم إلى حد مروع من التحريض على الإبادة الجماعية.
وفي السياق ذاته، أوضح د.المالكي أن 80٪ من المواطنين المدنيين في قطاع غزة يواجهون الجوع، محذرا من مجاعة وشيكة وانتشار الأمراض المعدية، وشدد على أن هذه الأوضاع الكارثية لا تعود لأسباب طبيعية، بل هي نتيجة مباشرة لسياسات الاحتلال الإسرائيلي، الذي يستخدم الجوع كسلاح في الحرب ضد الشعب الفلسطيني، حيث حرمت إسرائيل 2.3 مليون فلسطيني من الكهرباء والماء والغذاء والوقود والأدوية والإمدادات الطبية لأكثر من ثلاثة شهور.
وقال المالكي، إنه لا توجد قوانين ولا أخلاق ولا مبادئ في هذا العالم يمكن أن تبرر هذا الواقع البغيض واللاإنساني، فذلك يجب أن يهز ضمير كل إنسان ويتطلب تحركاً عالمياً فورياً من أجل العدالة، مؤكداً على أهمية مطالبة جميع الدول بامتثال إسرائيل الكامل للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، مشدداً على أن ذلك هو المسار الوحيد لتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي العادل والدائم، فيجب إنهاء حصانة إسرائيل من العقاب، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وذلك باللجوء إلى محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
وفي ذات السياق، جدد المالكي امتنانه وتقديره لجمهورية جنوب أفريقيا لاتخاذها هذه الخطوة الشجاعة في محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مثمناً أيضاً جميع الدول التي دعمت هذه الخطوة المهمة، وناشد الدول أن تفي بالتزاماتها وتنضم إلى جنوب أفريقيا في إجراءات هذه القضية، إذ يجب أن تكون هناك عواقب وردع لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة الإبادة الجماعية.
وفي بداية كلمته، أشاد د.المالكي بالقيادة الحكيمة لجمهورية كوبا وجهودها الجبارة في تعزيز وحدة المجموعة خلال العام الماضي، معبرًا عن تهانيه الحارة لجمهورية أوغندا بتوليها رئاسة المجموعة لعام 2024، مثمناً حسن الضيافة التي تلقاها هو ووفد دولة فلسطين، مع التأكيد على استمرار دولة فلسطين دعمها وتعاونها الكامل مع المجموعة.
وأبرز المالكي، التأثير المستمر لجائحة كوفيد-19 وتغير المناخ كعوامل تفاقم تلك التحديات، مشيرًا إلى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة والصراعات والتدابير القسرية الانفرادية التي تؤثر على جميع البلدان.
وفي هذا السياق، أكد المالكي على أن دولة فلسطين تواجه تحديات إضافية نتيجة لأكثر من 56 عامًا من الاحتلال الاستعماري الاستيطاني اللاإنساني ونظام الفصل العنصري البغيض.
وفي الختام، أكد د.المالكي على أن الشعب الفلسطيني، وبدعم وتضامن مجموعة ال77 والصين، عازم على التغلب على الظلم التاريخي الذي قيد تطلعاته لأكثر من نصف قرن، ففي هذا العام، يقترب الشعب الفلسطيني إلى 76 عاما من النكبة، و57 عاما من الاحتلال، و17 عاما من الحصار، والآن أكثر من ثلاثة أشهر من الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني.