الكاتب: عمر الغول :: للكتاب بعناوينه، وصفاته، ومحتوياته، ومجالات معالجاته، ودروب عوالمه، ومخرجات معارفه العلمية والثقافية والإبداعية حظوة خاصة بين عامة الشعب والصفوة، وبين رواد العلم والمثقفين والفنانين والأكاديميين والتربويين وعلماء اللسانيات والترجمة والساسة، وبين الأجيال المختلفة: بين الأطفال والنساء والشيوخ والشباب، فهو القاسم المشترك المنير للجميع، وهو سراج المعرفة الواسع والعميق، وهو نبراس الحقائق، وشراع المبحرين الجدد في عالم العلم والأدب والثقافة عموما، وقاطرة التاريخ بما له، وما عليه، وشعلة الحرية للعالم كل العالم بشعوبه ودوله وقاراته، لأنه مشعل النور والخروج من يم الظلمات، وهو النقيض لذلك، إن استخدم لغايات الجريمة والإرهاب والفوضى والاستعمار وتجارة الأديان، وإنتاج أسلحة الموت الكلاسيكية والنووية والهيدروجينية وغيرها من الأسلحة النانوية.
عالم الكتاب متشعب ومتعدد ويتسع لكل ملمح من ملامح الحياة البشرية والطبيعة، ويستشرف آفاق المستقبل بعلومه وآدابه وفرقه الموزعة على التخصصات الإنسانية الواسعة والرحبة، وسابر غور وكنه الإنسان والحيوان والطير والزواحف، وعوالم البر والبحر والجو والفلك، الصحارى والجبال والسهول والوديان والهضاب، ونافض تراب الحقب التاريخية عن الحضارات الإنسانية بما لها وعليها.
هذا العالم الجميل والخصب والبديع يلتئم في بوتقة ومربع ومكان واحد كل عام في فلسطين الأرض والشعب والسلام والحرب والمقاومة والاستعمار والنكبة، والسجن والسجان والشهداء والأسرى، والشعب والأمة والوطن والوطنية والقومية والأممية، والشعر والرواية والقصة والموسيقى والفلسفة والفكر السياسي والدين والدنيا والقانون والعدالة والجريمة والسلم الأهلي والانقلاب، والخير والشر، العنف والإرهاب والدفاع عن الذات، والترجمة والثقافات الإنسانية المتعددة واللغات وتفرعاتها في علم اللسانيات، والتاريخ والعلوم الطبيعية والإنسانية، علوم الأطفال والجندر والحب والغناء … إلخ، جميعها تجلس على أرفف المكتبات ودور النشر والمؤسسات والجامعات في معرض الكتاب الثالث عشر، الذي تقيمه وزارة الثقافة الفلسطينية لمدة عشرة أيام طوال من يوم غد الخميس الموافق السابع من أيلول / سبتمبر الى يوم الاحد الموافق السابع عشر من الشهر ذاته في محافظة رام الله والبيرة على أرض قرية سردا الجميلة، التي تحتضن المكتبة الوطنية وأرض المعارض.
هذه الفلسطين المنكوبة بالاستعمار الإجلائي الإحلالي الصهيوني حتى الآن، ومنذ ما يزيد على الخمسة والسبعين عاما، ومع إقامة سلطتها الوطنية وتحديدا في عام 1996 وهي تضيء شمعة تلو الشمعة لمعرض الكتاب والمعرفة والنور والحرية، وتكسر الحصار المعرفي عبر احتضان ثلة من الكتاب والأدباء والفنانين من مختلف المشارب والأكاديميين في برنامج ثقافي متميز لإضفاء جمالية أعلى وأغنى على جمالية وروعة المعرض، وتستقطب الناشرين العرب (والأجانب، إن أمكن) من مختلف الأقطار العربية، وترحب بكل ناشر ومنتج للمعرفة بغض النظر عن انتمائه وخلفيته. لأن مساحة المعرفة تمتد على فضاءات واسعة وسع الكرة الأرضية.
وعبر ومن خلال معرض الكتاب مسرح الحياة والثقافة والأدب والفن والعلوم والتاريخ والجغرافيا والأسطورة والأديان السماوية والمعتقدات الوضعية والفلسفة والقانون تنتصر فلسطين ووزارة ثقافتها والمنابر الثقافية والإعلامية الرديفة لها ترسل رسائلها المتجددة، وتؤكد على: أولا تجديد الولاء للعلم والمعرفة والثقافة وتعميمها في أوساط الشعب؛ ثانيا تعميق عملية المثاقفة بين الثقافة الوطنية والقومية والثقافات الإنسانية الأخرى؛ ثالثا ترسيخ ثقافة المقاومة الوطنية من خلال الإمساك بناصية العلم والفن والثقافة، ومجابهة العدو الصهيوني ودحض روايته المزورة والعارية تماما من اية حقيقة؛ رابعا توسيع وتطوير وتأصيل الترابط العميق بين المثقف والناشر الفلسطيني والمثقف والناشر العربي، لتجذير الثقافة القومية الاصيلة في المجتمع الفلسطيني، المسكون بعروبته وقوميته الديمقراطية؛ خامسا لتعزيز وتطوير عملية النشر، وتشجيع الناشرين والراغبين في العمل في حقل الإنتاج المعرفي للانخراط بقوة ودون تردد؛ خامسا لاحياء ليالي الفرح والعيد والعرس الوطني والقومي والانتصار للثقافة والإنتاج المعرفي الإنساني .. وغيرها
مع افتتاح معرض الكتاب الثالث عشر الفلسطيني غداً الخميس تشرق شمس الثقافة والمعرفة مجددا لتضيء سماء فلسطين بإشعاعاتها الوضاءة، وتفتح أبوابا جديدة للحرية والمقاومة من طراز آخر، وتنثر أوراق الثقافة والعلم والفنون والعدل والتاريخ على مدياتها… مبروك لوزارة الثقافة وللقائمين على المعرض، وللمساهمين من الروافد الأخرى والموازية، حتى وإن لم يشاركوا مباشرة في التظاهرة الثقافية، وللناشرين الفلسطينيين والعرب ولضيوف المعرض من الأدباء والمثقفين والفنانين، وكل عام وأنتم بخير وفلسطين بخير وسلام.