بقلم | موفق مطر
الرئاسة الفلسطينية تمتلك عقلانية وواقعية وحكمة تكفيها لرؤية مصالح الشعب الفلسطيني العليا ببصيرة وطنية، فالعقل الوطني لا تعرف جماعة الاخوان المسلمين ومليشياتها المسلحة يعرف رؤوس حماس شيئا عن ماهيته، تماما كجهلهم بنمط تفكير المناضل والقائد الوطني في حركة التحرر الوطنية الفلسطينية، أما فلسفة وعلوم القيادة الوطنية، فلا يقرون بصواب مبادئها وآليات عملها ، لأنهم لا يعرفون من حقل العمل السياسي، كجماعة استخدمت الدين لأهداف سلطوية، بتعاليم نظمها عقل فئوي حزبي، لا يقر بالهوية الوطنية، ولا بالوحدة الوطنية، ولا بالعروبة ووحدتها، ولا يفكرون للحظة بمعنى العمل الوطني، أو العربي المشترك، حتى ميدان العمق الانساني، فقد كفروه، ووضعوا كل هذه الدوائر ليس كخصم أو نقيض وحسبب، بل كعدو !! فهذا الدماغ نحِتَ أصله في مختبرات دولة استعمارية، كانت محور ثقل مجموعة الدول الاستعمارية التي اصدرت وثيقة كامبل الاستعمارية سنة 1905، ثم منحت جماعة الاخوان المسلمين وكالة استخدام ما تشاء من النسخ منه، لاحتلال عقل الانسان الفلسطيني والعربي، وسلبه القدرة على التفكير والتعقل والابداع، والرؤية البعيدة المدى، بعد منحها المنظمة الصهيونية نسخة مشابهة تحقق هدف الاستيلاء على ارض فلسطين، ولكن مع اضافة نوعية، مستخلصة من تعاليم تلمودية، وبما يكفل شرعنة الابادة الجماعية بحق "الأغيار" الذين هم في هذا المقام الشعب الفلسطيني، علما ان جماعة الاخوان ظهرت للعلن في العام 1928 بعد عقد تقريبا من وعد بلفور.
نحن نعرفهم تماما، لأننا نقرأ تاريخ وأهداف الحملات ووعود المستعمرين، ومساعيهم لاجتثاث جذور وجودنا التاريخي والطبيعي على هذه الأرض المقدسة (فلسطين) ونعرف نقطة التقاطع ألأهم بين مشروع المنظمة الصهيونية، ومشروع جماعة الاخوان المسلمين، فكلاهما يسعيان لمنع حركة التحرر الوطنية الفلسطينية من الانتصار، ذلك أن لحظة تحقيق الأهداف الوطنية للشعب الفلسطيني ستكون ذاتها لحظة بداية انهيار المشروع (الاستعماري الدولي - الصهيوني) الخاسر الأكبر فيه هما المنظمة الصهيونية وجماعة الاخوان المسلمين، وهما البارعان في استخدام الدين لإبقاء الصراعات الدينية والعرقية والقومية، وانقسامات افقية وعاموديه في الحالة الوطنية، أما التبعية لقوى خارجية، وتنفيذ مخططاتها، ومنع الشعب الفلسطيني من تجسيد قراره الوطني المستقل، فقد كان نقطة الضعف الكبرى، التي استطاعت منظمة التحرير الفلسطينية وحركة التحرر الوطنية الفلسطينية معالجتها، حتى باتت نقطة القوة الأعظم التي يمتلكها الشعب الفلسطيني ، في مواجهة الخطر الوجودي (المشروع الاستعماري الصهيوني)، والرئاسة الفلسطينية، ومعها كل وطني عاقل، مؤمن بحق الانسان بالحياة الحرة العزيزة الكريمة، يملكان الحق المطلق بحماية الشعب الفلسطيني من الجلاد الصهيوني، وكشف وتعرية كل من يقدم له الذرائع للامعان بحملة الابادة الدموية التدميرية، فالقيادة الفلسطينية، تؤمن بالمسئولية الوطنية التاريخية، في لحظة مصيرية حاسمة، لا خيار لنا بعدها سوى أن نكون، لذا فمنطق الحق والحقائق هو السبيل الأسرع لإنقاذ شعبنا من جحيم (الجلاد الصهيوني)، ودعوة صانع الذرائع للتعقل، ففي غزة اكثر من مليوني فلسطيني ضحية، ينتظرون من قيادتهم الشرعية، المسئولة عنهم قول الحقيقة نيابة عنهم، أما الوحدة الوطنية، فإنها تقوم على مبدأ أساس وهو احترام ارادة الشعب الفلسطيني وسيادة قوانينه وقرارات منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثله شرعيا، أما العبث بمصير الشعب الفلسطيني ووجوده، واعتباره حقلا لتجارب دموية، فهذا مالا يمكن السكوت عنه ابداً، أو مهادنة العابث، أو التغطية عليه بمقولة: "ليس وقته"!! فالقيادة صبر وحكمة وتعقل وعمل بلا كلل، لكنها في اللحظة الحاسمة توضع جميع هذه السمات في خانة الشجاعة وهذا ما افصحت عنه الرئاسة الفلسطينية ببيانها اول امس.. علما انها ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة أيضا كما نقدر ونعتقد.