شبكة يافا الإخبارية
https://t.me/yaffaps
بين هيمنة الغريم وتخبّط الإدارة.. مانشستر لم تعد حمراء | شبكة يافا الإخبارية

بين هيمنة الغريم وتخبّط الإدارة.. مانشستر لم تعد حمراء

عقد كامل مضى منذ رحيل السير أليكس فيرغسون عن تدريب مانشستر يونايتد، فكيف لم تعد مدينة مانشستر حمراء كما في السابق؟

متذيّلاً لترتيب مجموعته في دوري أبطال أوروبا، وعلى بعد 8 مراكز من صدارة الدوري الإنكليزي الممتاز. هذه الإجابة التي ستجدها في حال سؤالك عن حال نادي مانشستر يونايتد هذا الموسم. في الحالات العادية تقول متى ستتم إقالة المدرب؟ لكن ماذا عن الإدارة؟

عقد كامل مضى منذ رحيل مدربه السير أليكس فيرغسون، خاض فيه نادي مانشستر يونايتد، تحديات كبيرة ومشاكل وتخبّطات إدارية، حرمته الظفر ببطولة الدوري الإنكليزي "البريميرليغ" لأكثر من عقد زمني، بينما شهد الجانب الآخر من المدينة سطوع نجم غريمه مانشستر سيتي وتحقيقه نجاحات كبيرة، ما خلق صراع نفوذ كروي على المدينة بين الناديين وقلب الموازين والأرقام بينهما في كرة القدم لصالح كفّة الأخير.

نهضة مانشستر سيتي

القصة بدأت عندما قررت "مجموعة أبو ظبي للتطوير" الإماراتية، عام 2008 الاستثمار في نادي مانشستر سيتي المغمور حينها، حيث اشترت النادي من الرئيس السابق ورجل الأعمال التايلاندي، تاكسين شيناواترا. تمثّلت بداية هذا الاستثمار، بتسوية مشاكل النادي المالية.

منذ ذلك الحين، تمتع النادي "الأزرق" بتطور ملحوظ تحت قيادة المجموعة الإماراتية. تم تحسين بنية الفريق بشكل كبير من خلال التعاقد مع نجوم عالميين في عالم كرة القدم. وبفضل هذه الاستثمارات الضخمة والإدارة الذكية، نجح السيتيزنس في تحقيق أول لقب دوري في أقل من 4 أعوام من بدء المشروع، وبعدها بدأ النادي في حصد البطولات المحلية والدولية لاحقاً ليفرض نفسه على الساحة العالمية.

هذه البداية الناجحة للاستثمار في نادي مانشستر سيتي تظهر كيف يمكن للرؤية والاستراتيجية القوية أن تحوّل نادياً مغموراً إلى قوة عالمية في عالم كرة القدم.

ومع استقطاب المدرب الإسباني بيب غوارديولا، شهد مانشستر سيتي فترة ذهبية استثنائية. استثمر النادي خلالها قرابة المليار جنيه إسترليني في أسواق الانتقالات في 7 مواسم، لتدعيم صفوف فريقه، وبنى فريقاً قوياً ومتوازناً. نتيجة لذلك، تمكّن السيتي من الهيمنة على إنكلترا بعدما توّج بـ 14 لقباً، ضمنها أخيراً تتويجه بطلاً لدوري أبطال أوروبا في الموسم الماضي.

مانشستر سيتي أصبح معروفاً بأسلوب اللعب الهجومي والأداء الجماعي، الذي منحه القدرة على تحطيم العديد من الأرقام القياسية في الدوري الإنكليزي.

أين مانشستر يونايتد من ذلك؟

عانى مانشستر يونايتد من تأثير النهضة الكبيرة لمانشستر سيتي، فبعد رحيل السير أليكس فيرغسون، مدرّب الفريق لأكثر من 25 عاماً، الذي حقّق 13 بطولة بريميرليغ، ومع التغييرات المتكررة في المدربين والتقلبات في الأداء، لم يستطع "الشياطين الحمر" استعادة الاستقرار الذي عُرف به في الماضي خلال فترة السير. فالنادي استبدل 7 مدربين حتى الآن، وكسر عتبة المليار جنيه إسترليني في أسواق الانتقالات خلال هذه المدة، ولم يتمكّن من تحقيق بطولة دوري واحدة.

رؤية الـ "غلايزرس"... المال والربح أولاً!

إن تاريخ مانشستر يونايتد الحافل بالبطولات المحلية والقارية، لم يقدّره ملّاكه السابقون بمعناه التجاري والتسويقي الحقيقي، إلى أن جاءت عائلة الغلايزرس الأميركية واستحوذت على كامل ملكية النادي، عام 2005، وبعدها عيّنت، عام 2013، إد وودوارد، في منصب نائب الرئيس التنفيذي لنادي مانشستر يونايتد. وكان المسؤول عن الإدارة التنفيذية للنادي، وكان مسؤولاً أيضاً عن الجوانب التجارية والمالية للنادي، بما في ذلك التعاقدات مع اللاعبين وعقود الرعاية والتسويق.

الأرقام التي ساهم في تحقيقها إد وودوارد، أهمها زيادة القيمة التسويقية للنادي 3 أضعاف والتي بلغت قرابة الـ 3.2 مليارات دولار بعد أن كانت أقل من مليار دولار قبل قدوم الغلايزرس، تظهر بشكل واضح أن هذه الفترة الرياضية التي يعيشها النادي حالياً تتزامن مع فترة طويلة من إدارته لنادي مانشستر يونايتد. 

وعلى الرغم من أن إد وودوارد، كان إحدى الشخصيات غير المحبّبة للجماهير، إلّا أنه هو الشخص نفسه الذي أسس إمبراطوريته التجارية والتسويقية الرائدة، التي جلبت أرباحاً هائلة وعوائد مالية ضخمة للملّاك، وذلك بالرغم من أنها لن تتأثر كثيراً بالأداء الرياضي السيّئ للفريق.

على الرغم من الأرباح الهائلة التي حقّقها النادي خلال هذه الفترة، لكن هذا الربح لم يستثمر في تطوير مرافق النادي ومراكز التدريب وفي تطوير الأكاديميات بشكل صحيح، وصناعة المواهب. 

وكشف ذلك المدرب السابق لليونايتد في مؤتمره الصحافي قبل عامين عندما سُئل عن الأمور التي يحتاجها اليونايتد ليعود إلى سكة التتويجات، وأجاب إن "مانشستر يونايتد بحاجة إلى جراحة قلب مفتوح، وليس إلى عمليات تجميل"، في إشارة إلى حجم المشاكل البنيوية والإدارية التي يعاني منها النادي.

وأكد هذا الأمر النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، في مقابلة له مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، قبيل مغادرته النادي العام الماضي بعد تفاقم أزمته مع المدرب الهولندي الحالي إيريك تاغ هاغ حيث قال "الإدارة لا تهتم للنادي. أعني، الرياضة الاحترافية، كما تعلمون، مانشستر يونايتد نادٍ تسويقيّ".

في الواقع، لم يتفوّق أي نادٍ آخر في إنكلترا على نفقات مانشستر سيتي الكبيرة على التعاقدات في السنوات الأخيرة إلّا مانشستر يونايتد نفسه، والسبب واضح جداً؛ إنجازات إد وودوارد خلال الفترة من 2005 إلى 2013 كانت مهمة جداً. وما جاء بعد ذلك كان مجرد استغلال للفوائد الاقتصادية التي أحدثها هذا الرجل في المجال الرياضي بأسره.

وبالرغم من ذلك، لم يستطع اليونايتد منافسة غريمه والظفر بأي بطولة بالشكل المطالب به، اليوم السيتيزنس يتقدّمون بأكثر من عشر سنوات على الشياطين الحمر من الناحية الرياضية، وهنا نتحدث عن العقلية الإدارية للفريقين.

أسهمت مشاكل الإدارة في مانشستر يونايتد في تفاقم التحديات التي واجهها النادي. تعاقب المدرّبون على المنصب من دون أن يتمكّن أي منهم من استعادة الاستقرار الذي كان معروفاً بهذا النادي العريق.

التوتر بين الإدارة والجماهير زاد بسبب عدم استجابة الإدارة لتطلعات المشجّعين. تعذّر تعزيز التشكيلة باللاعبين المميّزين والاستثمار في تعزيزات قوية أثّر على الأداء العام للفريق وأثّر سلباً على حضور المشجّعين للمباريات. 

ماذا عن المستقبل؟

مع زيادة التنافس في الدوري الإنكليزي والعالمي، وازدياد نسبة المستثمرين في هذه اللعبة، سواء الخليجيون أو الأميركيون، يتحتم على مانشستر يونايتد الإتيان بمدير رياضي يحدد سياسة النادي وقيادة المشروع بشكل يواكب تطوّر اللعبة، والتغيير الجذري للعقلية المتبعة حالياً سواء من ناحية الرياضية أو التجارية، ينبغي تحقيق الاستقرار في الفريق قبل البحث والحديث عن تغيير المدرب الحالي، لأن المشكلة الأساسية تكمن في عقلية الإدارة لا المدرّبين.